قول ابن القاسم في المدونة إذا اشتراها، ولم يضح بها؛ حتى ذهبت أيام النَّحر أنه: آثم (١) ولا يُؤَثِّمه إلا أنها واجبة عنده من الأصل؛ لأن مجرد الشراء لا يوجبها.
وقال غير واحد من البغداديين: ليست بواجبة (٢). واستدل من أوجبها بحديث أبي بردة - رضي الله عنه - لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اذْبَحْهَا، وَلَنْ تُجْزِئَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ"(٣). واحتج من لم يوجبها بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَأَى هِلاَلَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَأْخُذ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ"(٤). فجعل ذلك إلى إرادته، ورد هذا من قال بالوجوب. قال: لأنه يصح أن يؤتى بمثل هذا في الواجب كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجمْعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ"(٥) وهذا الاعتراض غير صحيح؛ لأنه لا يختلف أن نفس هذا اللفظ:(من أراد)، و (من جاء)، لا يتضمن وجوبًا ولا ندبًا. وإنما وجبت الجمعة بنص آخر (٦) بالآية، وبما جاء في ذلك من الأحاديث، ولو لم يكن ذلك إلا قوله:"إذا جاء" لم تجب.
(١) انظر: المدونة: ١/ ٥٤٩. (٢) انظر: النوادر والزيادات: ٤/ ٣٠٩. (٣) أخرجه البخاري: ١/ ٣٢٥، في باب الأكل يوم النحر، من كتاب العيدين، برقم (٩١٢)، ومسلم: ٣/ ١٥٥٢، في باب وقتها، من كتاب الأضاحي، برقم (١٩٦١). (٤) حسن صحيح: أخرجه الترمذي: ٤/ ١٠٢، في باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحى، من كتاب الأضاحي، برقم (١٥٢٣)، والنسائي: ٧/ ٢١١ أوائل كتاب الضحايا، برقم (٤٣٦١)، وابن ماجه: ٢/ ١٠٥٢، في باب من أراد أن يضحي فلا يأخذ في العشر من شعره وأظفاره، من كتاب الأضاحي، برقم (٣١٥٠)، وصححه الترمذي، وقال: هذا حديث صحيح. (٥) سبق تخريجه في كتاب الطهارة، ص: ١٢٥. (٦) في (ب): (من أخذ).