فالفرض للغسل والوضوء مرة مرة؛ لقول الله -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}[المائدة: ٦]، وقوله:{فَاطَّهَّرُوا}، و {حَتَّى تَغْتَسِلُوا}، و {حَتَّى يَطْهُرْنَ}، فورد الأمر في جميع ذلك على صيغة واحدة، فلم يلزم بمجرد الأمر -لقوله تعالى في الغسل والطهر- إلا مرة واحدة، وكذلك الوضوء.
وقد أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على السائل عن الحج: هل هو في كل عام (٢)؟ فأخبر أن الفرض مرة (٣)، وأنه كان يكتفي في ذلك بما ورد فيه عن السؤال، والرجوع في ذلك إلى إخبار (٤) النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمر يقتضي فعل مرة واحدة، أولى من الاحتجاج بقول من أنكر عليه سؤاله، وأخبره أن سؤاله وقع غير موقعه.
وأما ما قيل: إن الفرض في الوضوء كان لكل صلاة ثم نسخ في فتح مكة- فغلط؛ لحديث أنس قال:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ"(٥)، وإن أمَّته كانت على خلاف ذلك تلتزم الواجب فتصلي الصلوات بوضوء واحد، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك للفضيلة، وإنما سأله عمر عن مخالفته لعادته (٦)، ولحديث سويد
(١) زاد في (ر): (فإنه يغتسل، وإن كانت الطهارة للأول لم تنتقض). (٢) أخرجه مسلم: ٢/ ٩٧٥، في باب فرض الحج مرة في العمر، من كتاب الحج، برقم (١٣٣٧). (٣) زاد في (ر): (في العمر). (٤) قوله: (عن السؤال. . . إلى إخبار) ساقط من (ر). (٥) سبق تخريجه، ص: ٥. (٦) في (ر): (العادة)، وسؤال عمر - رضي الله عنه - أخرجه مسلم: ١/ ٢٣٢، في باب جواز الصلوات كلها =