الجلسة إثباتًا ولا نفيًا ولا يجوز أن يحمل كلامه على أن مراده أن أكثر الأحاديث تنفيها؛ لأن الموجود في كتب الحديث ليس كذلك، وإذا تقرر أن مراده أن أكثر الروايات ليس فيها إثباتها ولا نفيها، لم يلزم من ذلك رد سنة ثابتة عن جماعات من الصحابة، وأما قول الطحاوي أنها ليست في حديث أبي حميد، فمن العجب الغريب فإنها مشهورة في كتب السنن والمسانيد (١).
(حتى يرجع كل عظم) منه (إلى موضعه) فيه فضيلة الطمأنينة في هذِه الجلسة.
قال أصحابنا: وهي جلسة خفيفة جدًّا، وهي تسن عقيب كل سجدة لا يعقبها تشهد، وينبغي المحافظة على هذِه الجلسة، لصحة الأحاديث فيها، وعدم المعارض الصحيح لها؛ لقوله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}(٢)(ثم يصنع) زاد ابن ماجه بيانًا فقال: ثم يقوم فيصنع (٣)(في) الركعة (الأخرى مثل ذلك) وهذا كقوله للمسيء صلاته: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها"(٤).
قال أصحابنا: يستثنى من ذلك النية؛ لأنها تراد للعقد، وقد انعقدت فلا تعاد في الركعة الثانية، وكذا دعاء الاستفتاح؛ لأنه لافتتاح الصلاة،
(١) "المجموع" ٣/ ٤٤٤. (٢) آل عمران: ٣١. (٣) "سنن ابن ماجه" (١٠٦١). (٤) أخرجه البخاري (٧٩٣)، ومسلم (٣٩٧/ ٤٥)، وأبو دا ود (٨٥٦)، والترمذي في "جامعه" (٣٠٣)، والنسائي ٢/ ١٢٤، وابن ماجه (١٠٦٠) من حديث أبي هريرة.