شهاب) الزُّهريّ (أن عمر بن الخطاب) هذا منقطع؛ لأن الزُّهريّ لم يدرك عمر -رضي الله عنه- ([قال وهو على المنبر] (١): يا أيها الناس، إن الرأي إنما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصيبًا) فيه، معصومًا من الخطأ (لأن الله تعالى كان يريه) الصواب، كما قال تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}(٢) تعالى، بواسطة نظره واجتهاده في أحكام الكتاب وأدلته.
وفيه دليل على هذا بأنه -عليه السلام- كان يجتهد فيما لا نص فيه عنده من الحوادث، وهي مسألة خلاف في أصول الفقه، [وهذا الحديث](٣) والآية حجة لمن أجاز؛ ولأن الاجتهاد منصب كمال، فلا ينبغي أن يفوته عليه الصلاة والسلام. وقد دل على وقوعه منه قوله -عليه السلام-: "لو قلت: نعم لوجبت"(٤) و "لو سمعت شعرها قبل أن أقتله لم أقتله"(٥) في قضيتين مشهورتين، و (إنما هو) يعني: الرأي (منا الظن) الغالب الذي لا تعين فيه (والتكلف) الشديد في استنباط الحكم الشرعي من الكتاب والسنة؛ ولهذا كان طريقه الاجتهاد، بخلاف اجتهاده - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه قادر على اليقين، وهو معصوم من الخطأ وجميع الأنبياء عليهم السلام.
* * *
(١) زيادة من "السنن". (٢) النساء: ١٠٥. (٣) ساقطة من (م). (٤) رواه مسلم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة. (٥) لم أجده مسندًا، وقد ذكره ابن هشام في "سيرته" ٢/ ٤٢١، وابن الأثير في "أسد الغابة" ٧/ ٢٤٢ في ترجمة قتيلة بنت النضر.