رأيت ملكين يدليان في حلقه (١) من ثمار الجنة، فعلمت أنه مات جائعًا"، ثم قال: "دونكم أخاكم (٢)". فاحتملناه إلى الماء فغسَّلناه، وحنَّطناه، وكفَّنَّاه، وحملناه إلى القبر، قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس على شفير القبر فقال: "ألحِدوا ولا تشقوا؛ فإن اللحد لنا والشقَّ لغيرنا".
وفيه دليل على استحباب اللحد.
وقال أصحابنا: إن كانت الأرض صلبة فاللحد أولى، وإن كانت رِخوة -بفتح الراء وكسرها - فالشق أولى.
ونقل كثيرٌ من أصحابنا عن أبي حنيفة: أن الشق أولى مطلقًا.
قال الرافعي: وفي "مختصر الكرخي" وغيره من كتب أصحابه كمذهبنا، وروي أن الصحابة اختلفوا لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: يلحد له.
وقال بعضهم: يشق له، وكان بالمدينة حفاران أحدهما يلحد وهو أبو طلحة الأنصاري، وكانت عادة أهل المدينة، والآخر يشق وهو أبو عبيدة ابن الجراح، وكانت عادتهم بمكة. فوجَّه العباس إليهما رسولين وقال: أيهما جاء أولا عمل بعمله، وقال العباس: اللهم اختر لنبيك. فجاء أبو طلحة أولًا فلحد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣). وأسنده ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما (٤).
(١) في (ر): حقه. (٢) في (ر): أخاه. (٣) "العزيز شرح الوجيز" ٥/ ٢٠٣ - ٢٠٤. (٤) (١٦٢٨).