والثالث (زاد مسدد) في روايته (وغابت الشمس) فإذا حصل الواحد من هذِه الثلاثة حصل سائرها، وإنما جمعها في الذكر - والله أعلم - لأن الناظر قد لا يرى عين غروب الشمس بحائل ويرى ظلمة الليل في المشرق فيحصل له إذ ذاك الفطر ومجموعها إنما يحصل بغروب الشمس، (فقد أفطر الصائم) أي: دخل الصائم في وقت فطره كما تقول العرب: أظهر. دخل في وقت الظهر، و: أنجد. إذا دخل في أرض نجد، و: أتهم. إذا دخل في أرض تهامة، وعلى هذا لا يكون في الحديث تعرض للوصال لا بنفي ولا إثبات، ويحتمل أن يكون معناه: فقد صار مفطرًا في الحكم، ومعناه: أن زمان الليل يستحيل فيه الصوم الشرعي.
ورد ابن خزيمة هذا الاحتمال وأومأ إلى ترجيح الأول فقال: قوله: "قد أفطر الصائم" لفظه لفظ خبر ومعناه الأمر، أي: فليفطر الصائم، ولو كان المراد فقد صار مفطرًا لكان فطر جميع الصوام واحد، ولم يكن للترغيب في تعجيل الإفطار معنى (١). انتهى.
وعلى هذين التأويلين يخرج خلاف العلماء: هل يصح إمساك بعد الغروب؟
فمنهم من قال: لا يصح وهو كيوم الفطر، ومَنعَ الوصال، وقال: لا يصح. ومنهم من جوَّز إمساك ذلك الوقت، ورأى أن له أجر الصائم محتجًّا بأحاديث الوصال (٢).
قالوا: وإنما نهاهم عن الوصال رحمة لهم، ولا شك أن التأويل
(١) "صحيح ابن خزيمة" ٣/ ٢٧٣. (٢) انظر: "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٣/ ١٥٨.