الأصح عند الأصوليين (١)، فلا تكون المراجعة واجبة، فلو كانت واجبة لقال رسول الله لعمر: أخبره أن الله أمره بالمراجعة، أو إني آمره بالرجعة، ولا يصار إلى أنه أمر إلا بدليل. قال عياض: فأمره بمراجعتها واجب عندنا خلافًا لأبي حنيفة والشافعي، ولا حجة لهما إن قالا: فإن الآمر لابن عمر بالمراجعة أبوه وليس لأبيه أن يضع الشرع لأن أباه إنما أمره بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو مبلغ إليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢)(فليراجعها) بكسر اللام على الأصل؛ لأنها لام الأمر الجازمة للمضارع، ويجوز إسكانها، وقرئ بهما في السبع (٣)، والأمر بالمراجعة للندب كما تقدم، قال أصحابنا: والصارف للأمر للوجوب؛ فإن الله قال:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}(٤) وغيرها من الآيات المقتضية للتخيير بين الإمساك بالرجعة أو الفراق بتركها، وفيه جمع بين الحديث والآيات إذا حملنا الأمر على الندب (ثم ليمسكها) بضم الياء وكسر السين، كما قال تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}(٥) وفي رواية في الصحيح: "ثم يمسكها"(٦). بحذف لام الأمر، وجزم الكاف، عطفًا على الأمر قبله. والمراد بهذا الأمر: استمرار الإمساك لها؛ لأن الرجعة إمساك لها
(١) وهو قول المالكية أيضًا، انظر: "شرح تنقيح الفصول" ص ١٤٨. (٢) "إكمال المعلم" ٥/ ٥. (٣) اتفقوا على تسكين لام الأمر إذا كان قبلها (واو) أو (فاء) في جميع القرآن، واختلفوا إذا كان قبلها (ثم) بين التسكين والكسر. انظر: "السبعة" لابن مجاهد ص ١٧٧. (٤) الطلاق: ٢. (٥) البقرة: ٢٣١. (٦) "صحيح البخاري" (٥٣٣٢)، ومسلم (١٤٧١).