عباس (١) أيضًا مَرفوع، وظن الطيبي في "شرح المشكاة" أنهما حديث واحِد فَشَرحه عَلى أن اللام في (لتزخرفنها)(٢) مكسُورَة، قال: وهي لام التعليل للمنفي قبله، والمعنى: مَا أُمرت بالتشييد لِيُجعَل ذريعة إلى الزخرفة، قال: والنون فيه لمجَرد التأكيد، وفيه نَوع تأنيب وتَوبيخ، قَالَ: وَيَجوز فتح اللام على أنها جَوَاب القسَم، أي: المحذوف.
قال ابن حجَر: وهذا يَعني فتح اللام وهو المعتَمد. والأول -يَعْني: كسْرَ اللام- لم تثبت به الرِّوَاية أصلا فلا يغتَر (٣) به، وكلام ابن عَباس فيه مَفصول مِن كَلام النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - في الكتبُ المشهورة وغَيْرهَا، وإنما لم يذكر البخاري المرفوع منه للاختلاف فيه (٤) عَلى يَزيد بن الأصم في وصله وإرسَاله انتهى (٥). والزخرفة الزينَة.
قالَ مُحْيي السنَّة: إنهم زخرفوا المسَاجد عندَمَا بدلوا دينهم وَحَرفوا كتبهم، وأنتم تَصيرُونَ إلى مثل حَالهم، وسَيَصير أمركم إلى المراءَاة بالمسَاجِد، والمبَاهَاة بتشييدهَا وتزيينها (٦).
قال أبُو الدرْدَاء: إذا حليتم مَصَاحفكم، وزوقتم مَسَاجدكم، فالدمَار عليكم (٧). وروي أن عُثمان رَأى أترجة من جِص مُعَلقة بالمَسْجِد فأمرَ بهَا
(١) في (ص): عياش. (٢) في (ص): لزخرفتها. (٣) في (ص، س، ل): يعتبر. (٤) ليست في (م). (٥) "الفتح" ١/ ٦٤٣. (٦) "شرح السنة" ٢/ ٣٥٠. (٧) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٧٩٧)، والفريابي في "فضائل القرآن" (١٧٩).