قالَ القرطبي: وفي هذا جَوَاز تأخير البَيَان إلى وقت الحَاجَة، وجَاز للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخر بَيَان مَا سُئل عنهُ، وإن جَازَ للسَّائل أن يحترم قَبل ذلكَ، لأن الأصل استصحابُ (١) السَّلامة والبقاء إلى مثل هذِه المدة، أو أوحي إليه أنه يبقى إلى هذِه المدة (٢).
(فَصَلَّى) الفَجر (حِينَ كَانَ الرَّجُلُ لَا يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ) من وَجْه غَيره؛ لأن المعْرفَة إنما تتعَلق بالأعيَان، ولو كانَ المراد لا يعرف كونه ذكرًا أو أنثَى لقال لا يعلم صَاحبه؛ لأنَّ الحكم بالذكورة والأنوثة إنما يتعلق بالعلم دُون المعْرفة.
(أَوْ إنَّ الرَّجُلَ لا يَعْرِفُ مَنْ إِلَى جَنْبِهِ) مِنَ الغَلَس روَاية مُسْلم: والناسُ لا يكاد يعَرف بَعضهم بعضًا (ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ الظُّهْرَ) فيه دَليل على (٤) أن إقامة الصلاة تتعلق بنظر الإمَام وفيه أن للإمام أن يعين مَن يقيم الصَّلاة، وأن المؤذن الذي يقيم الصَّلاة غير الإمَام.