ظهرها ليَكون أبْلَغَ في السَّتر (وَاسْتَتَرْتُ بِالرَّاحلَةِ) يَعني: البعير كما سَيَأتي، فيه وجوب (١) الاستتار عَن أعيُن الناس في الغسْل. وإن استتر بثوب أو رَاحلة أو جِدَار و (٢) نحوه، أو سَترهُ إنسَان بثوب فلا بَأسَ به، فقد كانَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يستتر بثوب.
(وَاغْتَسَلْتُ) يَعني: من الجنابة (فَكَأَنِّي أَلْقَيتُ عَنِّي جَبَلًا) فيه أنَّ مِنْ كمال الإيمان أن تسره الطاعةُ وتَسُوءهُ المَعْصَية ومَا في معناهَا.
(فَقَالَ: الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ) ذَهَبَ الشافعي (٣) وأحمد وإسحاق (٤) وأبو يُوسف (٥) إلى أنهُ لا يجوز التيمم إلا بتراب طَاهِر ذي غبَار يعلق؛ لهذا الحَديث ولقَوله تعالى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}(٦) قالَ ابن عَباس: الصَّعيد ترابُ الحَرْث (٧)، وقال عَلي: الصَّعيْد الترابُ خَاصَّةً.
وفي كتاب الخَليل: تيمم بالصَّعيد، أي: خُذ من غباره. حَكاهُ ابن فارس (٨)؛ وهو يقتضي التيمم بالتراب، فإنَّ الحَجر الصَّلْدَ لا غُبَار
(١) في (ص): جواز. والمثبت من (د، م). (٢) في (د، م): أو. (٣) "الأم" ١/ ١١٤ - ١١٥. (٤) "مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج" (٨٥). (٥) "المبسوط" للسرخسي ١/ ٢٤٦. (٦) المائدة: ٦. (٧) "مصنف عبد الرزاق" (٨١٤)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (١٧١٤). (٨) "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٣/ ٢٨٧.