الحجاج في "صحيحه" حديثًا واحدًا في صدر كتابه (١). كذا قال:
(عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أفتى) بفتح الهمزة والتاء، وفي بعض النسخ المعتمدة من ابن ماجة (٢) بضم الهمزة وكسر التاء، مبني لما لم يسم فاعله، وعلى هذا فالمعنى: من استفتى أحدًا من المفتين فأفتاه (بغير علم) عنده من الكتاب والسنة ونظر في استدلال، بل استحيا أن يقول: لا أدري. حرصًا على رئاسته.
ورواية ابن ماجة:"بغير ثبت" أي: تثبت في فتواه ومراجعه (كان إثمه) ولابن ماجة: "فإنما إثمه"(على من أفتاه) بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد، ويحتمل أن الإثم على من أذن له في الفتوى، ويدل على أن ابن ماجة ذكر هذا الحديث عقب حديث:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم" [وفي رواية: "إذا لم يُبق عالمًا"] (٣)"اتخذ الناس رؤوسًا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"(٤) وهذا لفظ روايته.
وأما المعنى على الرواية الأولى بفتح الهمزة والتاء فيحتمل أن يقال: معناه: من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على من أذن له في الفتوى، ورخص له في ذلك. ومعنى (إثمه على من أفتاه) أي: أجازه
(١) "الأنساب" ٩/ ٨٦ - ٨٧. (٢) "سنن ابن ماجة" (٥٣). (٣) ما بين المعقوفتين ساقط من (م). (٤) "سنن ابن ماجة" (٥٢).