(فعلتما مما فعلتما فاقتسما) يحتمل زيادة [الفاء](١) فقد قيد الفراء والأعلم جواز زيادتها أن تكون داخلة على أمر أو نهي، وحمل عليه:
لا تجزعي إن منفسًا أهلكته ... فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (٢)
وتقدير الكلام على هذا: فاقتسما هذا الذي تدافعتماه؛ لأنكما فعلتما ما فعلتماه من الخروج عنه خوفًا من نار جهنم.
وفيه: أن الهبة لا تصح إلا بالقبول، فحيث لم يقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تصح الهبة، ولهذا اقتصر على قوله:(اقتسما) من غير أن يذكر إعادة الموهوب لهما، وأيضًا فالهبة لا تنتقل إلى ملك الموهوب إلا بالقبض، ولا قبض هُنا.
وفيه دليل على أن الخصمين إذا تداعيا عينًا في يد ثالث [أو لا يد عليها](٣) ولا بينة لهما أنها تقسم بينهما، وكذا إذا أقام كل منهما بينة، فإنهما يتعارضان حيث لا ترجيح، وكأنه لا بينة لهما، وكان قول كل واحد منهما: حقي لك. لا اعتبار به؛ لأنها هبة باطلة (وتوخيا) بفتح الخاء المعجمة المشددة.
قال في "النهاية": أي: اقصدا. (الحق) فيما تصنعانه من القسمة (٤).
(١) ليست في (ل)، (م) والسياق يقتضيها. (٢) البيت للنمر بن تولب -رضي الله عنه-، انظر: "الكتاب" لسيبويه ١/ ٢٨، ١٣٤. (٣) في الأصل: (لا يدعيا) ولا معنى لها، والمثبت مفهوم ما في "البيان" للعمراني ٣/ ١٦١. (٤) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٥/ ١٦٤.