(ومن الحجامة) فيه حجة للقديم من مذهب الشافعي وهو استحباب الغسل من الحجامة (١)، حكي عن نص الشافعي: أحب الغسل من الحمام (٢) والحجامة وكل أمر غَيَّرَ الجسد. فأشار الشافعي إلى حكمته أن ذلك يضعف الجسد والغسل يشده وينعشه.
وأما قول أبي علي من أصحابنا: لا أعرف للغسل من الحجامة وجهًا ولم أسمع فيه شيئًا. فلعله أراد غسل موضع الحجامة لا غسل البدن، فيكون ذلك واجبًا. وقد جاء فيه عن ابن عباس: اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك (٣). وهذا الحديث حجة لذلك.
قال البيهقي: وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو. ثم روى بإسنادٍ صحيح عنه: كنا نغتسل من خمس: الحجامة، ونتف الإبط (٤).
قال الشيخ أبو عمرو: قوله: ونتف الإبط يشهد لقول الشافعي: يغتسل لكل أمر يغير الجسد (٥)(و) من (غُسلِ الميت) فيه حجة لما حكي عن القديم من إيجاب الغسل من غسل الميت.
وقال الشافعي في كتاب البويطي: يجب الغسل إن صح الحديث. وقد حسَّن الترمذي حديث:"من غسل ميتًا فليغتسل". وصححه ابن
(١) وقع في النسخ الخطية: الجنابة. ولا وجه له. والمثبت يقتضيه السياق. (٢) في النسخ الخطية: الجنابة. والمثبت مقتضى ما في "الوسيط" ٢/ ٢٩٢، "المجموع" ٢/ ٢٠٣. (٣) أورده البيهقي في "المعرفة" ١/ ٤١٩ قال: قال الشافعي: وأخبرنا رجل، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: فذكره. (٤) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي ١/ ١٤٠. (٥) انظر: "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" لزكريا الأنصاري ١/ ٢٦٥.