(وأجيزوا الوفد) أي: أحسنوا معاملتهم وأعطوهم [لأن الجائزة هي](١) العطية، ويقال: إن أصله أن ناسًا وفدوا على بعض الملوك وهو قائم على قنطرة، فقال: أجيزوهم فصاروا يعطون الرجل ويطلقونه فيجوز على القنطرة متوجهًا، فسميت عطية من يفد على الكبير جائزة، ويستعمل أيضًا في إعطاء الشاعر على مدحه ونحو ذلك (٢)(بنحو مما كنت أجيزهم) أي: بقريب منه، وكانت جائزة الواحدة على عهده - صلى الله عليه وسلم - أوقية من فضة وهي: أربعون درهمًا.
(قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة أو قال: فأنسيتها) يحتمل أن يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير. قال شيخنا ابن حجر: ووجدت عند الإسماعيلي التصريح بأن قائل ذلك هو ابن عيينة، وفي "مسند الحميدي": قال سفيان: قال سليمان -يعني: ابن أبي مسلم-: لا أدري أذكر سعيد بن جبير الثالثة فنسيتها أو سكت عنها، قال: وهذا هو الأرجح، قال الداودي: الثالثة الوصية بالقرآن، وبه جزم ابن التين.
وقال المهلب: بل هي تجهيز جيش أسامة، وقال عياض: يحتمل أن يكون هي قوله: "لا تتخذوا قبري وثنا"؛ فإنها ثبتت في "الموطأ" مقرونة بالأمر بإخراج اليهود، ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله:"الصلاة وما ملكت أيمانكم"(٣).