وعن أم سلمة قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان (١).
فإن قيل: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنَّه قال:"أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم".
فالجواب: أن جماعة أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم أفضل من شعبان كما صرح به الشافعية وغيرهم كما قال النووي: أفضل الأشهر للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم، وأفضلها المحرم، ويلي المحرم في الفضيلة شعبان (٢).
والأظهر - كما قال بعض الشافعية والحنابلة وغيرهم - أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان شعبان؛ لمحافظته - صلى الله عليه وسلم - على صومه أو صوم أكثره، ويدل على ذلك ما خرجه الترمذي من حديث أنس: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال:"شعبان". تعظيمًا لرمضان (٣). وذلك لأنه يلي رمضان قبله كما فضل (٤) شوال لكونه يلي رمضان بعده؛ لما روى ابن ماجه أن أسامة كان يصوم الأشهر الحرم، فقال له رسول الله:"صم شوالًا"(٥) فترك الأشهر الحرم وصام شوالا حتى مات (٦). وفي إسناده إرسال، وقد روي من وجه آخر يعضده.
(١) أخرجه الترمذي في "سننه" (٧٣٦)، والنسائيُّ في "سننه" (٢١٧٥). (٢) "المجموع" ٦/ ٣٨٧. (٣) "سنن الترمذي" (٦٦٣). (٤) في (ر): فعل هو. (٥) في الأصلين: هنا. وفي الموضع التالي: شوال. والمثبت من "السنن" وهو الجادة. (٦) "سنن ابن ماجه" (١٧٤٤).