لئلا تخلو سنة من صيام (١) شهر ولا شهر من صيام، وإنما أمره بصيام يوم ولم يأمره بالثلاث البيض لما رأى من تغير حاله وضعفه عن الصيام.
(قال: زدني، فإن بي قوة) أي: فيَّ قوة، فالباء بمعنى (في) كقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ}(٢)(قال: صم يومين) أمره بالتدريج مرتبة بعد مرتبة. (قال: زدني. قال: صُمْ ثلاثةَ أيام) أي: من كل شهر كما سيأتي (قال: زدني. قال: صُمْ مِنَ الحُرُمِ) أي: من الأشهر الحرم (واترك) قال الترمذي (٣) في "الديباجة شرح ابن ماجه": إنما أمره بالترك لأنه كان يشق عليه إكثار الصوم كما ذكره في أول الحديث، فأما من لا يشق عليه فصوم جميعها فضيلة، ورواية ابن ماجه:"صم أشهر الحرم"، وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها، منهم ابن عمر والحسن البصري وأبو إسحاق السبيعي (٤)، وقال الثوري: الأشهر الحرم أحب إلى أن أصوم فيها.
(صُمْ مِنَ الحُرُمِ واتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ واتْرُكْ) وخرج ابن ماجه بإسناد فيه ضعف عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام رجب (٥).
(١) في (ر): قيام. والمثبت من (ل). (٢) آل عمران: ١٢٣. (٣) هكذا في الأصلين، والصواب الدميري صاحب الكتاب، وصاحب كتاب "حياة الحيوان". انظر: "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" للشوكاني ٢/ ٢٦٤، "الأعلام" للزركلي ٧/ ١١٨. (٤) رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (٤٠٤)، والبيهقيُّ في "الشعب" ٩/ ٢٤٢ (٦٦١٣). (٥) "سنن ابن ماجه" (١٧٤٣).