(أو مشرك) قال ابن هشام في "المغني": استشكل بعضهم هذِه الآية وسأل عنها فقال: كيف عطف المرفوع على المجرور؟ فقلت له: فهلا استشكلت ورود الفاعل مجرورًا وبينت له أن الأصل (زانيُ) بياء (١) مضمومة ثم حذفت الضمة للاستثقال (٢) فانحذفت الياء لالتقائها ساكنة والتنوين، فيقال: فاعل وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المضمومة المحذوفة (٣).
قال ابن المسيب وغيره: نسخ من قوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} نكاح المشرك للزانية، فلا يحل تزويج المشرك لمسلمة ولو كانت زانية؛ لقوله تعالى:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}(٤) بضم التاء من تنكحوا، فإن الأمة اجتمعت على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه؛ لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام.
(فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأها علي) وللترمذي: فقال: يا مرثد {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}(وقال: لا تنكحها) قيل: نزلت هذِه الآية في نساء بأعيانهن كن مشهورات بالزنا بمكة والمدينة يكرين أنفسهن للزنا لهن رايات، وقيل: بالنكاح ها هنا الوطء، والمراد أن الزاني لا يطاوعه على مثل فعله ويوافقه على مراده إلا زانية مثله أو مشرك من غير الملة لا يحرم الزنا، وقيل: المراد
(١) في (ر): وثبت له أن الأصل يأتي بتاء. والمثبت من "مغني اللبيب". (٢) في (ر): للاستعمال. والمثبت من "مغني اللبيب". (٣) "مغني اللبيب" ٦/ ٦١١. (٤) البقرة: ٢٢١.