(فذلك قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}) المخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به من كان لا يقف بعرفة من قريش وغيرهم.
وروى ابن أبي حاتم وغيره عن الضحاك أن المراد بالناس هنا إبراهيم الخليل، وعنه: المراد به الإمام (١). وعن غيره: آدم (٢). وقرئ به في الشواذ: الناسي (٣) بكسر السين بوزن القاضي، والأول أصح؛ نعم الوقوف بعرفة موروث عن إبراهيم كما روى الترمذي وغيره من طريق يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفًا (٤) بعرفة فأتانا ابن مربع فقال: إني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم يقول:"كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم"(٥). ولا يلزم [من ذلك](٦) أن يكون هو المراد خاصة بقوله: {مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} بل هو لأعم من ذلك.
وأما الإتيان في الآية بثم؛ قيل: هي بمعنى الواو، وهو اختيار الطحاوي، وقيل: لقصد (٧) التأكيد لا لمحض الترتيب، والمعنى: فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ثم اجعلوا الإفاضة التي تفيضونها من حيث أفاض الناس لا من حيث كنتم تفيضون.
(١) "تفسير ابن أبي حاتم" ٢/ ٣٥٤ (١٨٦١، ١٨٦٢). (٢) في (م): الأم. وانظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١٥٦. (٣) انظر: "المحتسب" لابن جني ١/ ١١٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٥٦. (٤) سقط من (م). (٥) "سنن الترمذي" (٨٨٣). وقال: حديث حسن. (٦) من (م). (٧) في (ر): لفصل.