أم يتكرر بتكرر الأعصار؟ ولو أن مطلق الأمر يقتضي التكرار لم (١) يسأل هذا السؤال، ولقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حاجة إلى هذا السؤال، بل مطلقه محمول على كذا، وقد يجيب الآخرون عنه بأنه سأل استظهارًا واحتياطًا (٢).
قال النووي وغيره: اختلف العلماء في هذا الفسخ، هل هو خاص بالصحابة أم باقٍ لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة؟
فقال أحمد وطائفة من أهل الظاهر: ليس خاصًّا، بل باقٍ إلى يوم القيامة، فيجوز لكل من أحرم بحج وليس معه هدي (٣) أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}(٤). وهذا عام، ولإجماع المسلمين على إباحة التمتع في جميع الأعصار، ولقوله:"بل هي للأبد" جواب لقوله: متعتنا هذِه، وأكد قوله: متعتنا بقوله: هذِه، احترازًا من المتعة المنفردة، وإنما كانت متعتهم بفسخ الحج إلى العمرة، وحديث جابر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا.
وقال مالك (٥) والشافعي (٦) وأبو حنيفة (٧) وجمهور العلماء من
(١) زاد في (م): أو عدم التكرار. (٢) "شرح النووي" ٩/ ١٠١. (٣) في (ر): عمرة. (٤) البقرة: ١٩٦، وانظر: "المغني" ٥/ ٢٥٢ - ٢٥٣. (٥) "التمهيد" ٨/ ٣٥٨، و"الاستذكار" ١١/ ٢١٢. (٦) "المجموع" ٧/ ١٦٦ - ١٦٧. (٧) "شرح فتح القدير" ٢/ ٤٦٤ - ٤٦٥.