منه غيره لاشتغالهم بأمورهم، وهذا فيه (١) دليل لمن يقول: الأفضل أن يحرم عقيب (٢) الصلاة وهو جالس، وهو قول الحنفية ومشهور مذهب الحنابلة [غير أن الفريقين](٣) لم يقولوا: وهو جالس، وهو قول ضعيف للشافعية (٤).
(ثم ركب) دابته بعدما صلى صبح الجمعة بذي الحليفة.
(فلما استقلت به) أي: نهضت (ناقته) حاملة له (أهل) بالحج ورفع صوته بالتلبية (وأدرك ذلك منه أقوام) من الصحابة غير الأولين (وذلك أن الناس) تشمل الصحابة وغيرهم (إنما كانوا يأتون أرسالًا) أي: متتابعين قومًا بعد قوم (فسمعوه (٥) حين استقلت) أي نهضت (به ناقته) حاملة له (يهل) أي: يرفع صوته بالتلبية (فقالوا: إنما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استقلت به راحلته) لأنهم لم يسمعوا إهلاله المتقدم إنما يمشون قومًا بعد قوم، ولكثرتهم فإن أبا زرعة قال: حج معه سبعون ألفًا، وقال ابن (٦) حزم: حج معه جموع كثيرة لا يحصرهم إلا خالقهم ورازقهم (٧).
(ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) في سفره (فلما علا على شرف البيداء)
(١) سقط من (م). (٢) في (م): عند. (٣) من (م). (٤) "المجموع" ٧/ ٢١٤، ٢٢١، و"المغني" ٥/ ٨٠ - ٨١. (٥) "حجة الوداع" ص ١١٦. (٦) زاد في (ر): خ فسمعته. (٧) من (م).