والثالث (١): يستحب مطلقًا لظاهر حديث أبي بكر - رضي الله عنه - الآتي لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة أتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له:"ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم الله ورسوله (٢). وعلى الصحيح فهذا محمول على أنه كان يصبر على الإضاقة.
(فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته) أي: لجرحته، والعقر ها هنا: الجرح ويستعمل أيضًا بمعنى القتل والهلاك (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي أحدكم بما يملك) ما الموصولة تقتضي العموم. أي: بجميع ما تملك (فيقول: هذِه صدقة ثم يقعد) أي: عن الحرفة والتكسب (فيتكفف)[رواية يستكف](٣) الناس) أي: يتعرض [ويطلب بسؤال](٤) الناس وأخذ الصدقة ببطن كفه، أو يسأل كفًّا من الطعام، أو ما يكف (٥) الجوع.
ومنه قوله:"يتكففون الناس". ويحتمل أن (يكون المراد)(٦): السؤال مع بسط الكف كما يفعل السؤال اليوم، فنبه - صلى الله عليه وسلم - على المعنى الذي كره لأجله أخذ الصدقة منه، وهو أن يجلس يستكفف الناس.
(خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) فيه تأويلان: أحدهما: معناه: أفضل الصدقة ما بقي (٧) صاحبها بعدها [مستغنيًا بما بقي معه](٨)
(١) في (م): الثاني. (٢) سيأتي برقم (١٦٧٨). (٣) سقط من (م). (٤) في (م): لسؤال. (٥) في (ر): يكون. (٦) في (ر): يراد. (٧) في (م): أبقى. (٨) سقط من (م).