الحف من طرف الشفة أي: أحفوا ما طَال عن الشفتين، وفي همزة احفوا واعفوا القطع والوَصْل والأكثر القطع، ومما يستَّدل به على أن السُّنةَ قصُّ بَعضِ الشارب رواية ابن عَباس: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقص أو يأخذ من شاربه، وكانَ إبراهيم خليل الرَّحمن يفعَلهُ. رواهُ الترمذي وقال: حديث حسَن (١).
وروي عن مَالك الإمام، أنه ذكر له إحفاء بَعض الناس شواربهم، فقال مَالك: ينبغي أن يضرب من صَنَع ذلك فليسَ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك ولكن يبدي حرف (٢) الشفة والفم، قال مَالك: حَلق الشارب بدعة ظهرت في الناس (٣). قال الغزالي: ولا بأس بترك سباليه وهما طرفا الشارب (٤). ويبدأ في قصَه من الجانب الأيمن من المفعُول (٥).
قال ابن دقيق العيد: الأصل في قص الشوَارب وجهان: أحدهما: مخالفة الأعَاجِم وهذِه العلة منصوصة في "الصحيح" حيث قال: "خالفوا المجوس"(٦).
والثاني: أن زوالها عن مدخل الطعَام والشراب أبلغ في النظافة، وأنزه من وضَر (٧) الطعَام (٨).
(١) "سنن الترمذي" (٢٧٦٠)، وقال: حديث حسن غريب. وقال الألباني في "ضعيف سنن الترمذي" (٥٢٤): ضعيف الإسناد. (٢) في (ص): حذف. تصحيف، والمثبث من بقية النسخ. (٣) رواه البيهقي ١/ ١٥١. (٤) "إحياء علوم الدين" ١/ ٢٧٢. (٥) انظر: "الموطأ" ٢/ ٩٢٢، و"المجموع" ١/ ٢٨٧ - ٢٨٨. (٦) "صحيح مسلم" (٢٦٠) (٥٥). (٧) في (ص): وصب. والوضر: وسخ الدسم. انظر: "لسان العرب" (وضر). (٨) "إحكام الأحكام" ١/ ٦٢.