(فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: زادك الله حرصًا) فيه الدعاء لمن فعل فعلًا أراد به فعل الخير ولم يصب في فعله تحريضًا وحثًّا على أفعال الخير، وفيه جواز الاجتهاد بحضرته -صلى الله عليه وسلم- فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقره على ما فعله باجتهاد ولم يصب فيه (ولا تعُد) بفتح التاء وضم العين.
اختلف (١) العلماء في معناه، فقيل: معناه: لا تعد أن تركع دون الصف حتى تقوم في الصف (٢). حكاه ابن التين (٣) عن الشافعي، ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة عن أبي هريرة بإسناد صحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتى أحدكم إلى الصف فلا يركع دون الصف، ولا تُكبِّر حتى تأخُذَ مقامك (٤) من الصف"(٥) وقال ابن حبان: لا تعد في إبطاء المجيء إلى الصلاة (٦)، وقال المهلب بن أبي صفرة: معناه لا تعد إلى دخولك في الصف تمشي وأنت راكع فإنها كمشية البهائم.
قال ابن القطان: وهذا هو المراد فإن في "مصنف حماد بن سلمة" عن الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة، أنه دخل المسجد، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي، وقد ركع فركع ثم دخل الصف وهو راكع فلما انصرف النبي
(١) في (ص): اخلف. (٢) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال ٢/ ٤٠١. (٣) في (ص): أنس. (٤) في (ص): مقامه. (٥) أخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا على أبي هريرة (٢٦٥١) قال: "لا تكبر حتى تأخذ مقامك من الصف". وأما مرفوعًا فقد رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ١/ ٣٩٦ من طريق المقدَّمي، وهو يدلس تدليس السكوت وهذا النوع من التدليس سيء جدًّا، وانظر تعليق الألباني في "الضعيفة" (٩٧٧). (٦) "صحيح ابن حبان" ٥/ ٥٧٠ - ٥٧١.