فإن قلت: إذا كان المراد بالأقرأ الأفقه كما تقدم في كلام الشافعي، فكيف قال في الحديث بعد القراءة: أعلمهم بالسنة؟ فالجواب: أن القرآن والسنة من مشرع (١) واحد؛ لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٢) فكلاهما وحي، ولأن الإنسان يقرأ القرآن ويتفقه فيه، ثم يتعلم السنة والأحاديث.
(فليؤمهم) بفتح الميم المشددة، ويجوز ضمها اتباعًا للهاء التي بعدها (أقدمهم هجرة)؛ لقوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ}(٣) أي لا يستوي في الفضل من أنفق ماله وقاتل العدو في الإسلام قبل فتح مكة مع من أنفق وقاتل بعد الفتح {أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً}(٤).
قال الأصحاب: ثم الهجرة المقدم (٥) بها في الإمامة لا تنقطع إلى يوم القيامة (٦). فإذا أسلم اثنان وتقدم أحدهما في الهجرة، فإنا نقدمه عليه (٧) في الإمامة، [ونقدم أولاد المهاجرين](٨) على أولاد غيرهم، ونقدم أولاد المهاجرين بعضهم على بعض لتقدم هجرة آبائهم.
(١) في (س): مسوغ. (٢) النجم: ٣ - ٤. (٣) الحديد: ١٠. (٤) الحديد: ١٠. (٥) من (س). وفي باقي النسخ: المقدمة. (٦) "نيل الأوطار" ٣/ ١٩٢. (٧) في (م): عليهم. (٨) سقط من (م).