وأجبت قائل: كيف أنت بصالحُ ... حتى مللت وَمَلني عُوَّادي (١)
فأدخل الباء على لفظة صالح وجعله مرفوعًا على الحكاية، ومنه ما وجد في خط الصحابة -رضي اللَّه عنهم- فلان بن أبو فلان، كأنه قيل: المقول فيه: أبو فلان.
قال ابن أبي القاسم: والمختار عند المحققين أن يقرأ بالواو، تنبيهًا على أن المنطوق به منقول عن أبو فلان بالواو (٢).
(فقلت: لبيك) الأظهر أن معناها: إجابة لك بعد إجابة للتأكيد، وقيل: أنا مقيم على طاعتك.
(وسعديك) أي: ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة.
(يا رسول اللَّه وأنا فداؤك) بكسر الفاء والمد، وبالفتح مع القصر، يقال: فداه بنفسه وفدّاه بالتشديد: إذا قال له: جعلني اللَّه فداك.
وفيه حجة على جواز تفدية الرجل بأبويه أو نفسه، خلافًا لمن ظن أن تفدية النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بأبويه إنما كان لأن أبويه كانا كافرين، فأما المسلم فغير جائز أن يفدي مسلمًا ولا كافرًا بنفسه.
واستدلوا بما روى أبو سلمة، عن مبارك، عن الحسن، قال: دخل الزبير على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو شاكٍ فقال: كيف تجدك، جعلني اللَّه فداك؟ فقال:"ما تركت أعرابيتك بعد".
(١) هذا البيت لبشار بن برد. وانظره في "شرح الكافية الشافية" ٤/ ١٧٢١، ٥/ ٨٤، و"مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ص ٥٥١. (٢) انظر: "شرح الكافية الشافية" ٤/ ١٧٢٢. وفيه: (يقرأ بالياء) بدل (يقرأ بالواو).