ولا يفرط؛ فلهذا قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إلى هرقل عظيم الروم) ولم يقل: إلى ملك الروم؛ لأنه لا حكم له ولا لغيره إلا بحكم دين الإسلام، ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو ولاه من أذن له.
(سلام على من اتبع الهدى) فيه: أنه يجوز أن يسافر إلى أرض العدو بالآية والايتين ونحوهما؛ وأن يبعث بهما إلى الكفار، وإنما نهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو؛ أي: بكلمة أو بجملة منه، وذلك أيضًا محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار.
(قال) محمد (ابن يحيى: عن ابن عباس، أن أبا سفيان أخبره، قال: فدخلنا على هرقل) بفتح الراء بوزن دمشق، ويقال: هرقل على وزن خندف (١)، وهو أعجمي تكلمت به العرب. قال الشافعي: قيصر اسمه هرقل، وقيصر لقب (٢). وقال غيره: هو أول من ضرب الدنانير (٣).
(فأجلسنا) بفتح السين (بين يديه) فيه: مطاوعة ملوك الكفار فيما هو أدب.
(ثم دعا بكتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) فيه: أنه يجوز للمحدث والكافر مس آية أو آيات يسيرة مع غير القرآن؛ كما إذا كان مع تفسير أو فقه أو مراسلة أو كتاب متابعة أو نحوها (فإذا فيه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم) فيه: تصدير الكتاب ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، وإن كان المبعوث إليه كافرًا.
ومنها أن قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الآخر: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه