أي: ركب فرسًا يستشري في سيره، يعني: يلج ويجد (١). وروى الترمذي عن ابن عباس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعدًا فتخلفه"(٢).
(كنت لا تداري) بسكون الياء، وأصله بالهمز؛ لأنه من الدرء والدفع؛ لمناسبة ما بعده وممازحته وهو يماري، وله نظائر معروفة، والمعنى: لا تمانع في شيء ولا تخالف فيه ولا تشاغب. يصفه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بحسن الخلق والسهولة في المعاملة، ومنه الحديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها (٣). أي: يدافعها.
ويروى بغير همز، من المداراة، وهي محمودة في الشريعة؛ لحديث:"رأس العقل بعد الإيمان باللَّه مداراة الناس"(٤) والمداراة ملاينة الكلام للناس وحسن صحبتهم؛ لئلا ينفروا عنه.
(ولا تماري)(٥) تقدم الكلام فيه قريبًا، ويحتمل أن يكون المراد المماراة في القرآن لحديث:"لا تماروا في القرآن، فإن مراءه كفر"(٦)
(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٢/ ٤٦٨ - ٤٦٩. (٢) "سنن الترمذي" (١٩٩٥)، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وضعفه العجلوني في "كشف الخفاء" ٢/ ٣٦٠، والألباني في "ضعيف الجامع" (٦٢٧٤). (٣) تقدم برقم (٤٦٠٣) من حديث أبي هريرة. (٤) رواه هنَّاد في "الزهد" ٢/ ٥٩٠ (١٢٤٩)، وابن أبي الدنيا في "مداراة الناس" (٢)، "العقل والفضل" (٢٨)، وأبو القاسم التميمي في "الترغيب والترهيب" ٣/ ٢٢٤ (٢٣٩٧)، والبيهقي في "الشعب" ١١/ ٢٤ (٨٠٨٩) عن سعيد بن المسيب مرسلًا. (٥) في (ل)، (م): تمار. والمثبت من "سنن أبي داود". (٦) رواه الطبراني في "الأوسط" ٤/ ١٩٧ (٣٩٦١)، والمستغفري في "فضائل القرآن" =