وإن شاء قبلها وأثاب عليها قيمتها، ونحوه قول أصحاب أبي حنيفة: التحية هنا الهدية (١)، لقوله:{أَوْ رُدُّوهَا} ولا يمكن رد السلام بعينه، وظاهر هذا الكلام يقتضي رد التحية بعينها، ومما يدل على المكافأة ما رواه الطبراني عن شيخه من رواية عائشة قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثيرًا ما يقول لي:"ما فعلت أبياتك؟ " فأقول: وأي أبياتي تريد، فإنها كثيرة؟ فيقول في الشكر من أبيات:
يجزيك أو يثني عليك وإن من ... أثنى عليك بما فعلت فقد جزى
فيقول:"يا عائشة، إذا حشر اللَّه الخلائق يوم القيامة قال لعبد من عباده اصطنع إليه عبد من عباده معروفا: هل شكرته؟ فيقول: يا رب، علمت أن ذلك منك فشكرتك عليه. فيقول: لم تشكرني إن لم تشكر من أجريت ذلك على يديه"(٢).
(فمن أثنى به) يقال: أثنيت عليه بخير، وأثنيت عليه خيرًا، وأثنيت عليه شرًّا وبشرٍّ (فقد شكره) لأن الثناء إظهار للنعمة، قال بعضهم: إذا
(١) انظر: "الذخيرة" للقرافي ٦/ ٢٧٢. (٢) رواه الطبراني في "الأوسط" ٤/ ٥٠ (٣٥٨٠)، "الصغير" ١/ ٢٧٦ (٤٥٤)، "مسند الشاميين" ١/ ١٧٥ (٢٩٨) (٢٩٨). قال الهيثمي في "المجمع" ٨/ ١٠٩: رواه الطبراني في "الصغير"، "الأوسط" عن شيخه ذاكر بن شيبة العسقلاني، ضعفه الأزدي. ورواه أيضًا ابن أبي الدنيا في "اصطناع المعروف" ص (٥٣)، والخطابي في "غريب الحديث" ٢/ ١٩٥، والخرائطي في "فضيلة شكر اللَّه" ١/ ٩٢، والبيهقي في "شعب الإيمان" ٦/ ٥٢١ (٨١٣٨).