وفيه التحذير مما كانت الجاهلية تفعله، قال الحسن: كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلًا فر إلى قومه، فيجيء قومه فيصالحون بالدية، فيقول ولي المقتول: أنا أقبل الدية. حتى يأمن القاتل، ليخرج (١) فيقتله، ثم يرمي إليهم بالدية. ثم تلا قوله تعالى:({فَمَنِ اعْتَدَى}) رواية الدارقطني: "فإن قبل شيئا من ذلك ثم عدا"(٢)({بَعْدَ ذَلِكَ}) أي: بعد قبول الدية أو العفو ({فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}) أي: مؤلم، واختلف العلماء فيمن قتل بعد أخذ الدية فقال جماعة من العلماء منهم مالك والشافعي: هو كمن قتل ابتداءً، إن شاء الولي قتله، وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة (٣). وقال قتادة وعكرمة والسدي وغيرهم: عذابه أن يقتل البتة (٤). ولا يمكن الحاكم الولي من العفو. وسيأتي له تتمة (٥).
[٤٤٩٧](ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي شيخ البخاري.
قال (ثنا [عبد اللَّه بن بكر] (٦) بن عبد اللَّه المزني) بفتح الزاي، وكسر النون.
(عن عطاء بن أبي ميمونة) البصري (عن أنس بن مالك قال: ما رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو) فيه: أنه لا بد في القصاص من الرفع إلى الإمام؛ لأن أمر الدماء حظر؛ ولأن الصحابة لم
(١) في (م): فيخرج فيخرج. (٢) "سنن الدارقطني" ٤/ ٨٦. (٣) انظر: "المحرر الوجيز" ٢/ ٩٠، "تفسير القرطبي" ٢/ ٢٣٧. (٤) رواها عنهم الطبري في "جامع البيان" ٢/ ١١٢. (٥) سيأتي في شرح الحديث رقم (٤٥٠٧). (٦) في (ل، م): عبيد بن بكير. وهو خطأ.