ويحتمل فتح الهمزة. والصاد المهملة، ومنه قوله تعالى:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}(١).
(قال نعم. فأمر به) فيه أنَّ للإمام أن يستنيب (٢) في إقامة الحدود، ولا يتوقف استيفاؤه على حضور الإمام، سواء ثبت بالبينة أو الإقرار. وقال أبو حنيفة: يجب حضور الإمام، ويبدأ هو بالرجم إن ثبت بالإقرار (٣).
(فرجم) يشبه أن يكون المعنى: ليرجم (قال: فخرجنا به من عنده فحفرنا) يدل على أن الحفر للرجل، وأما حديث أبي سعيد المتقدم: فما حفرنا (٤). (له) يدل على أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمر بذلك.
قال البلقيني: حديث اللجلاج: حفرنا له وحديث بريدة: "فلما كان الرابعة حفرنا له حفرة، ثم أمر به فرجم (٥). فإن معناه: أمر بحفر حفرة له، فإنهم إنما يفعلون ذلك بأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فظهر بذلك أن الحفر للرجل جائز لا منع منه. فيتخير الإمام، إن شاء حفر له، وإن شاء لم يحفر له.
ثم قال: فالتخيير للإمام هو الموافق لمقتضى الأحاديث الصحيحة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولو بلغ الشافعي -رضي اللَّه عنه- الحديثان اللذان فيهما الحفر لقال بهما: إما تخييرًا أو سنة. وأما جزم جمع من الأصحاب بأنه لا
(١) النساء: ٢٤. (٢) في (م): يستثبت. (٣) انظر: "المبسوط" ٩/ ٥١، "بدائع الصنائع" ٧/ ٥٩. (٤) رواه أحمد ٣/ ٦١، والنسائي في "السنن الكبرى" ٤/ ٢٨٨، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٨/ ٣٨٠، ٣٨٤. (٥) رواه مسلم (١٦٩٥).