الحدود (فيما بينكم) وليأمر بعضكم بعضًا بالعفو عن الجاني قبل أن يبلغ الإمام، كما قال تعالى:{وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(١) إذا أوصى بعضهم بعضًا بالصبر حتى يظهر فيهم. قال ابن مالك: يأتي تفاعل لتخييل ترك الفعل، وإن لم يكن فاعلًا كقولهم: تغافل وتطارش، وإن [لم](٢) يكن عنده غفلة ولا طرش، بل المقصود إظهار الفعل بغيره. وقد روى الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة"(٣). وروى الطبراني عن القاسم: قال عبد اللَّه -يعني: ابن مسعود-: ادرؤوا الحدود والقتل عن عباد اللَّه ما استطعتم (٤)(٥)(فما بلغني من حد فقد وجب) إقامة الحد فيه، وحرمت الشفاعة فيه، كما أنه يحرم الشفيع فيه بلا خلاف.
* * *
(١) البلد: ١٧. (٢) ساقطة من النسخ، والسياق يقتضيها. (٣) "سنن الترمذي" (١٤٢٤)، "العلل الكبير" ٢/ ٥٩٥. ورواه أيضًا الدارقطني ٣/ ٨٤، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٣٨٤، والبيهقي في "السنن الكبرى" ٨/ ٤١٣، ٤١٤، ٩/ ٢٠٧، وفي "السنن الصغير" ٣/ ٢٠٢ قال في "الخلافيات" كما في "مختصر الخلافيات" ٤/ ٤٣٢: هذا الحديث مشهور بين الفقهاء، وإسناده ضعيف. وأعله ابن الملقن في "البدر المنير" ٨/ ٦١٢ - ٦١٣، والحافظ في "التلخيص" ٤/ ١٠٤. وضعفه الألباني في "الإرواء" (٢٣٥٥). (٤) بعدها في (م): فإن كان له مخرج فخلوا سبيله. (٥) "المعجم الكبير" ٩/ ٣٤١ (٩٦٩٥).