ومنه الحديث في وقت صلاة الضحى:"إذا بهرت الشمس الأرض"(١) أي: غلب الأرض نورها وضوؤها (فألق) بفتح الهمزة (ثوبك على وجهك) من شدة ضوئه (يبوء بإتمك وإثمه) هذا موافق لقوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}(٢) وهذا يؤيده ما تقدم في الحديث قبله: "كن كخير ابني آدم" فعن ابن عباس وابن مسعود وناس من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} أي: بإثم قتلي إلى إثمك الذي في عنقك قبل ذلك (٣).
قال الطبري: الصواب (٤) أن تأويله: إني أريد أن تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي. ومعنى {وَإِثْمِكَ} فهو إثمه بغير قتله معصية اللَّه في أعمال سواه. قال: وإنما قلنا ذلك؛ لأن اللَّه أخبر أن كل عامل جزاء عمله عليه، وإن كان هذا حكمه في خلقه فغير جائز أن يكون آثام القاتل مأخوذًا بها القاتل. فإن قيل: كيف جاز أن يريد بذلك المقتول؟ فمعناه: إني أريد أن تبوء بإثم قتلي إن قتلتني لأني لا أقتلك، وهذا الحديث يدل على أن حكم هذِه الآية في زمن الفتنة حكم بني آدم (٥).
ثم قال الطبري: في آيات قتل قابيل هابيل كلها مثل ضربه اللَّه لبني آدم، وحرض به المؤمنين من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على استعمال العفو
(١) ذكره ابن الأثير في "النهاية" ١/ ١٦٥ وغيره. (٢) المائدة: ٢٩. (٣) رواه الطبري في "جامع البيان" ٤/ ٥٣٣ (١١٧٣٣). (٤) ساقطة من (م). (٥) "جامع البيان" ٤/ ٥٣٤.