(قال: لا تقل: عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الميت) يعني: أنه الأكثر في عادة الشعراء في السلام على الميت، كما قال:
عليك (٢) سلام اللَّه قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما (٣)
لا أن ذلك هو المشروع في السلام على الموتى؛ لأنه -عليه السلام- قد سلم على الموتى كما سلم على الأحياء، قال:"السلام عليكم دار قوم مؤمنين"(٤) ويتأكد تقديم لفظ السلام على القول بأن السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى، فإن أسماء اللَّه تعالى أحق بالتقديم. وقيل: إنما فعل ذلك؛ لأن المسلم على القوم يتوقع الجواب أن يقال له: عليك السلام. فلما كان الميت لا يتوقع منه جواب جعلوا السلام عليه كالجواب، وقيل: أراد بالموتى كفار الجاهلية، وهذا في الدعاء بالخير والمدح. وأما الشر والذم فيقدم الضمير كقوله تعالى:{وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي}(٥)، وقوله:{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ}(٦).
(قل: السلام عليك) فيه جواز السلام عليك بالإفراد، والسلام
(١) "سنن الترمذي" (٢٧٢١). (٢) في الأصول: عليكم. وما أثبتناه أليق لاستقامة الاستشهاد به، وهو ما وجدناه في كتب الأدب. انظر: "الشعر والشعراء" ص ٤٨٧. (٣) البيت لعبدة بن الطيب، بحر الطويل، انظر: "الشعر والشعراء" (ص ٤٨٧). (٤) رواه مسلم (٢٤٩) من حديث أبي هريرة. (٥) ص: ٧٨. (٦) التوبة: ٩٨، الفتح: ٦.