اللتبية عامل الصدقات (١)، وفي الحديث الآخر أنه رد بعض هدايا العمال، وقال:"لا نقبل زبد المشركين"(٢). أي: رفدهم، فكيف يجمع بين هذِه الأحاديث؟ !
حكى القاضي عياض عن بعض العلماء أن هذِه الأحاديث ناسخة لقبول الهدية، ثم قال: قال الجمهور: لا نسخ، بل سبب القبول أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مخصوص بالفيء الحاصل بلا قتال، بخلاف غيره، فقبل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحة يرجوها للمسلمين، وكافأ بعضهم، ورد هدية من لم يطمع في إسلامه، ولم يكن في قبولها مصلحة؛ لأن الهدية توجب المحبة والمودة، وأما غير النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء، فإن قبلها كانت فيئًا للمسلمين، فإنه لم يهدها له إلا لكونه إمامهم (٣).
= الحجازيين، وهي ضعيفة. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٧٠٢١). وللحديث شواهد: من حديث جابر وأبي هريرة وابن عباس. (١) رواه البخاري (١٥٠٠)، (٢٥٩٧)، (٦٩٧٩)، ومسلم (١٨٣٢) من حديث أبي حميد الساعدي مرفوعًا. (٢) سيأتي برقم (٣٠٥٧)، ورواه أيضًا الترمذي (١٥٧٧)، وأحمد ٤/ ١٦٢ كلهم من حديث عياض بن حمار المجاشعي، واللفظ لأحمد. صححه ابن حجر في "المطالب العالية" ١٠/ ٣٠، والألباني في "صحيح الجامع" (٢٥٠٥). (٣) ذكره النووي في "شرح مسلم" ١٢/ ١١٤ وعزاه للقاضي عياض. وانظر: "الخراج" لأبي يوسف ١/ ٢٠٨، "مشكل الآثار" ٣/ ٣٩٩، "شرح السير الكبير" ١/ ٩٧، "المنتقى" ٣/ ٢٠٩، "الاستذكار" ١٤/ ٢٠١، "أحكام القرآن" لابن العربي ٣/ ٤٨٧، "معرفة السنن والآثار" للبيهقي ١٣/ ٣٩٨، "روضة الطالبين" ٥/ ٣٦٩، "الأموال" للقاسم بن سلام ١/ ٣٢٨، "الجامع لعلوم الإمام أحمد" ١٠/ ٢٧٠.