قوله:{يَحْسَبُ}؛ أي: يَظُنُّ {أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣)}؛ أي: سَيُخْلَدُ فيه حَتَّى يَأْكُلَهُ، وقيل: حَتَّى يَزِيدَ في دَهْرِهِ، فَقَطَعَ اللَّهُ أمَلَهُ فقال:{كَلَّا} رَدٌّ عليه، لا يُخْلِدُهُ مالُهُ.
ثم استأنف فقال تعالَى: {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)} يعني المال؛ أي: لَيُلْقَيَنَّ فِي جَهَنَّمَ، وَلَيُطْرَحَنَّ فيها، وهذا الفعل ونظيره مَبْنِيٌّ على الفتح لأجل ملاصقة النون له، وفيه ضمير يعود على {الَّذِي}، وقرأ الحسن:{لَيُنْبَذانِّ} على التثنية، رَدَّهُ على المال وصاحبهِ، وَرُوِيَ عنه:{لَيُنْبَذُنَّ}(١) بضم الذال على الجمع، رَدَّهُ على الهُمَزةِ واللُّمَزَةِ والمالِ (٢).
والحُطَمةُ من أسماء جهنم، سُمِّيَتْ بذلك لأنَّها تَحْطِمُ العَظْمَ، وَتَأْكُلُ اللَّحْمَ حَتَّى تَبْلُغَ القَلْبَ، وَتَحْطِمُ كُلَّ شَيْءٍ؛ أي: تَكْسِرُهُ وَتَأْتِي عليه (٣). ويُقال لِلرَّجُلِ الأكُولِ: إنَّهُ لَحُطَمةٌ (٤)، والحَطْمةُ: السَّنةُ الشديدة أيضًا (٥).
= الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٦٢٦، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٣، شرح المفصل ٣/ ١٢، شرح شافية ابن الحاجب للرضي ٣/ ٢٤١، اللسان: حمم، ضنن، ظلل، خزانة الأدب ١/ ٢٤٥، شرح شواهد شرح الشافية ص ٤٩٠. (١) قرأ عَلِيُّ بنُ أبِي طالب والحَسَنُ وابنُ مُحَيْصِنٍ ومحمد بن كعب ونصر بن عاصم ومجاهد وَحُمَيْدٌ، وهارونُ عن أبِي عمرو: {لَيُنْبَذَانِّ}، وقرأ الحَسَنُ: {لَيُنْبَذُنَّ}، ينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٤، البحر المحيط ٨/ ٥١٠، إتحاف فضلاء البشر ٢/ ٦٢٩. (٢) من أول قوله: "وهذا الفعل ونظيره" قاله مَكِّيٍّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٩٩ - ٥٠٠. (٣) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٦٤/ أ، وينظر: تهذيب اللغة ٧/ ٤٠٠، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٨٢، الوسيط للواحدي ٤/ ٥٥٣. (٤) قاله أبو عبيدة وابن السكيت، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٣١١، إصلاح المنطق ص ٤٢٩، وحكاه الأزهري عن ابن السكيت في تهذيب اللغة ٤/ ٤٠٠. (٥) الحَطْمةُ بفتح الحاء وضمها وإسكان الطاء بمعنى السنة الشديدة، قاله الخليل في العين =