{وَاتَّقُوا اللَّهَ} بِحَقِّهِ الذي فَرَضَ عليكم، فأطيعوه فيه {إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ} على من تاب إليه من ذنوبه {رَحِيمٌ (١٢)} بِخَلْقِهِ فلا أرْحَمَ منه.
[فصل]
عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئِلَ عن الغِيبةِ: ما هي؟ قال:"ذِكْرُكَ أخاكَ بِما يَكْرَهُ"، قال: فإن كان في أخي ما أقولُ، قال:"إن كان فيه ما تقول فقد اغْتَبْتَهُ، وإن لَمْ يكن ما قلتَ فيه فقد بَهَتَّهُ"(١).
ورُوِيَ عن أبي حكيم العَنْبَرِيِّ قال: سألتُ عائشةَ -رضي اللَّه عنها- عن الغِيبةِ، فقالتْ؛ عَلَى الخَبِيرِ سَقَطْتَ، دخلت امرأةٌ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَجَعَلَتْ تسألُهُ عن حاجتها، وكانت امرأةً جميلةً، إلا أنها كانت قصيرة، فلما خَرَجَتْ قُلْتُ: ما رأيتُ كاليوم امرأةً أجْمَلَ منها إلا أنها قصيرةٌ، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اغْتَبْتِها؛ لأنكِ نَظَرْتِ إلى أسوأ ما فيها فَذَكَرْتهِ"(٢).
وعن أبِي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"لَيْلةَ أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ في السماء بقوم يُقَطَّعُ اللَّحْمُ من جُنُوبِهِمْ، ثم يُلْقَمُونَهُ، ثم يقال لهم: كُلُوا ما كنتم تأكلون من لحمِ أخيكم، قلت: يا جبريل: مَنْ هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك الهَمّازُونَ اللَّمّازُون"(٣)، يعني: المغتابين.
(١) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٢٣٠، ٣٨٤، ٣٨٦، ٤٥٨، ومسلم في صحيحه ٨/ ٢١ كتاب البر والصلة: باب تحريم الغيبة. (٢) رواه الإمام أحمد في المسند ٦/ ١٣٦، ٢٠٦، وابن عدي في الكامل فِي الضعفاء ٢/ ٢٩٥، وابن راهويه في مسنده ٣/ ٩٢١، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٤٣/ ب، الدر المنثور ٦/ ٩٤، ٩٦. (٣) هذا جزء من حديث الإسراء الذي رواه الطبري في جامع البيان ١٥/ ١٨، وينظر: تاريخ دمشق ٣/ ٥١٢، تفسير ابن كثير ٤/ ٢٣٥، الدر المنثور ٤/ ١٤٣.