قوله:{كَمْ تَرَكُوا} يعني قوم فرعون {مِنْ جَنَّاتٍ} وهي البساتين {وَعُيُونٍ (٢٥)} وهي الأنهار الجارية {وَزُرُوعٍ} ما بين الخليجين من أول مصر إلى آخر ما يبلغه الماء {وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦)} يعني المآثر والمنازل الحسنة {وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧)}؛ يعني: ناعمين، و"فَكِهِينَ": أشِرِينَ بَطِرِينَ مُعْجَبينَ بذلك، والنَّعْمةُ بفتح النون: سَعةُ العَيْشِ والرّاحةِ، والنِّعْمةُ بكسر النون: المْنّةُ (١).
قوله:{كَذَلِكَ}؛ أي: كذلك أفعل بِمَنْ عَصانِي {وَأَوْرَثْنَاهَا}؛ يعني أرض مصر: بساتينهم وأنهارهم وزروعهم ومنازلهم {قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨)}؛ يعني بني إسرائيل بِإيمانِهِمْ، رَدَّهُم اللَّهُ إلى مِصْرَ بعد الخروج منها، نظيره قوله تعالى في الأعراف:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ}(٢)، وقوله فِي الشعراء:{كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}(٣).
[فصل]
عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فُجِّرَتْ أرْبَعةُ أنْهارٍ من الجنة: النِّيلُ والفُراتُ وسَيْحانُ وجَيْحانُ"، ويروى:"سَيْحُونُ" و"جَيْحُونُ"(٤).
قوله:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} يعني: على فرعون وقومه،
= بمعنى "صَبَّرَ" فإنه يكون متعديًا إلى مفعولين، فيكون "رَهْوًا" مفعولًا ثانيًا له، ينظر: التبيان للعكبري ص ١١٤٦، الدر المصون ٦/ ١١٤. (١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٤/ ب. (٢) من الآية ١٣٧. (٣) من الآية ٥٩. (٤) رواه الإمام أحمد في المسند ٢/ ٢٦١، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٤/ أ، كنز العمال ١٢/ ٣٤٤.