يعني: هلاكًا، أي: صاحوا عند ذلك: واهلاكاه! وهو منصوبٌ على المصدر (١)، وقيل (٢): على المفعول به.
فصلٌ
عن أنسِ بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَوَّلُ مَن يُكْسَى يومَ القيامة إبليسُ حُلّةً من النار، فيضعها على حاجبَيْه، فيَسْحَبُها مَنْ خَلْفَهُ -وذُرِّيَّتُهُ خلْفَهُ- وهو يقول: واثُبُوراهُ! وهم ينادُون: يا ثُبُورَهُمْ! حتى يقفوا على النار، فيُنادِي: يا ثُبُوراهُ! وينادُون: يا ثُبُورَهُمْ! فيقول اللَّه: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (١٤)} (٣).
قوله تعالى:{قُلْ أَذَلِكَ} يعني: السعير {خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} وهذا استفهامُ إنكار، وهو ابتداءٌ وخبر، و"أَمْ": عطف على "خَيْرٌ"، وهذه الآية تنبيهٌ على تفاوتِ ما بينَ المنزِلتين، لا على أن في السعير خيرًا.
وقوله:{كَانَتْ لَهُمْ} يعني الجنة للمتقين {جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥)}؛ أي: ثوابًا ومرجعًا، {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ}: نصبٌ على الحال {كَانَ} الخلودُ {عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)} وذلك أنّ اللَّه وَعَدَ المؤمنين الجنةَ على
(١) بمعنى: ثُبرْنا وُرلبورًا، وهذا قول الفرَّاء وأبِي عبيدة والزَّجّاج، ينظر: معاني القرآن ٢/ ٢٦٣، مجاز القرآن ٢/ ٧١، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٥٩. (٢) بمعنى: دَعَوُا الثُّبُورَ كما يقال: يا عَجَباهُ؛ أي: هذا من أوقاتك فاحضر، قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ١٥٣. (٣) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ١٥٢ - ١٥٤، ٢٤٩، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ١٢٦، الوسيط ٣/ ٣٣٦، مجمع الزوائد ١٠/ ٣٩٢ كتاب صفة النار باب في أهل النار وعلامتها وأول من يكسى حللها.