شَيْءٌ، ومحل {هُمْ} رفعٌ بالابتداء، و {بَارِزُونَ} خبره، وقال ابن الأنباري (١): موضع {هُمْ} رفعٌ ب {بَارِزُونَ}، و {بَارِزُونَ} رفع بـ {هُمْ}، و {يَوْمَ هُمْ} حرفان: في هذه السورة وفي سورة الذاريات: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}(٢).
قال: وإنّما صار هذا حَرْفَيْنِ لأن {هُمْ} فِي موضع رفعٍ بما عادَ من {يُفْتَنُونَ}، وقوله:{يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ}(٣) و {يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ}(٤) حرف واحدٌ؛ لأن {هُمْ} في موضع خفضٍ بإضافة اليوم إليه، والخافض والمخفوض بِمَنْزِلةِ حرفٍ واحدٍ.
وقوله:{لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} لا يَسْتَتِرُ منهم أحَدٌ، ولا يخفى على اللَّه من أعمالهم شيءٌ، ثم يقول اللَّه فِي ذلك اليوم:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} وذلك عند فناء الخلق، حِينَ لا أحَدَ يُجِيبُهُ، فَيُجِيبُ نَفْسَهُ: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)} الذي قَهَرَ خَلْقَهُ بالموت، فهو السائل وهو المجيب {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} يَجْزِي المُحْسِنَ بِإحْسانِهِ، والمُسِيءَ بِإساءَتِهِ، {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧)}.
فصْلٌ
عن ابن مسعودٍ قال: "يَجْمَعُ اللَّهُ الخَلْقَ يوم القيامة في صعيدٍ واحدٍ بأرضٍ بيضاءَ، كأنها سَبِيكةُ فِضّةٍ، لَمْ يُعْصَ اللَّهُ عليها قَطُّ، فَأوَّلُ ما يُتَكَلَّمُ به: أنْ
(١) إيضاح الوقف والابتداء ص ٣٤٤ - ٣٤٥، وهذا على مذهب الكوفيين في أن المبتدأ والخبر يترافعان. (٢) الذاريات ١٣، وانظر ما سيأتي ٣/ ١٦٥. (٣) الذاريات ٦٠. (٤) الطور ٤٥.