على قُضُبِهِ (١) وأُصُولِهِ، وقرأ قُنْبُل:"سُؤْقِهِ"(٢) بالهمز {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} حَسُنَ زَرْعُهُ حين استوى قائما على سُوقِهِ {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} يعني: يغيظهم كَثْرةُ المؤمنين واجتماعهم، والغيظ: اجتماع الغضب {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً} لذنوبهم {وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} يعني: جزاء عظيمًا وهو الجنة.
وقوله:"مِنْهُمْ" قال الزجاج (٣): هو تخليص للجنس، وليس يريد بعضهم؛ لأنهم كُلَّهُمْ مؤمنون، وقال صاحب "إنسان العين"(٤): "مِنْهُمْ" للتبعيض؛ إذ المنافقون أيضًا كانوا يُؤازِرُونَ، أو للجنس كقول الزجاج، نحو قولك: أنْفِقْ مِنَ الدراهم لا الدنانير.
[فصل]
في معنى قوله تعالى:{كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} يعني محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- "فَآزَرَهُ" بِأبِي بكر، {فَاسْتَغْلَظَ} بِعُمَرَ، {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} بعثمان، {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ}
(١) القُضُبُ: جمع قَضِيبٍ وهو الغصن. اللسان: قضب. (٢) قرأ ابن كثير في رواية قُنْبُلٍ والقَوّاسِ عنه: "سُؤْقِهِ"، ورُوِيَ عن قُنْبُلٍ أيضًا: "سُؤُوقِهِ" بواو بعد الهمزة، ووافقه ابن محيصن، ينظر: السبعة ص ٦٠٥، حجة القراءات ص ٦٧٥، النشر ٢/ ٣٣٨، الإتحاف ٢/ ٤٨٤. (٣) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٩. (٤) قوله في كتابه عين المعانِي ورقة ١٢٤/ ب بنصه، وعلى هذا يكون الكلام شاملًا للمؤمنين والمنافقين، ويكون معنى {آمَنُوا}: ثَبَتُو وأقامُوا على الإيمان، وهو الوجه الثانِي الذي ذكره الزجاج، حيث قال: "والوجه الثانِي: أن يكون المعنى: وَعَدَ اللَّهُ الذين أقاموا منهم على الإيمانِ والعَمَلِ الصّالِحِ مغفرةً وأجرًا عظيمًا". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٠، وقد عَقَّبَ النحاسُ على كلام الزجاج، فقال: "وذلك مجاز، ولا يُحْمَلُ الشيءُ على المَجازِ ومعناه صحيح على الحقيقة". إعراب القرآن ٤/ ٢٠٦، وينظر: المحرر الوجيز ٥/ ١٤٣، البحر المحيط ٨/ ١٠٢.