وَجَثا وَجَذا -بالثاء والذال- لغتان (١)، والمعنى أن كل أمة تَجْثُو على الرُّكَبِ عند الحساب، حتى تَجِيءَ بين يدي الحاكم لانتصار القضاء، ونصب {جَاثِيَةً} على الحال.
[فصل]
رُوِيَ عن سَلْمانَ الفارِسِيِّ رضي اللَّه عنه أنه قال:"إن في القيامة ساعةً هي عَشْرُ سِنِينَ، يَخِرُّ الناسُ على رُكَبِهِمْ جُثاةً، حتى إبراهيمُ عليه السّلام يُنادِي: نفسي نفسي، لا أسألك إلّا نفسي"(٢).
قوله:{كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}؛ أي: إلى ما كُتِبَ عليها من خير وشر، وهو رفع على الابتداء، وأجاز الكسائي:{كُلَّ أُمَّةٍ} بالنصب (٣) على التكرير على {كُلَّ} الأولى {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ}؛ أي: ويقال لهم: {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هَذَا
(١) قال أحمد بن يحيى: الجُذُوُّ: على أطراف الأصابع، والجُثُوُّ: على الرُّكَبِ، وقال ابن الأعرابِيِّ: الجاذِي: على قدميه، والجاثي: على رُكْبَتَيْهِ، وأما الفراء فإنه جعلهما بمعنى واحد، وقال أبو عمرو: جَذا وجَثا لغتان، والأصمعي على أنهما بمعنًى واحد، وأن الذال بدل من الثاء. ينظر: الإبدال لابن السكيت ص ١٠٨، شفاء الصدور ورقة ١٢/ ب، التهذيب ١١/ ١٦٦، ١٦٧، الصحاح ٦/ ٢٣٠٠، وقال ابن جني: "وأما قولهم: جَذَوْتُ وجَثَوْتُ: إذا قُمْتَ على أطراف أصابعك. . . فليس أحد الحرفين بدلًا من صاحبه، بل هما لغتان". سر صناعة الإعراب ص ١٨٩ - ١٩٠. (٢) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٣٦٦، الوسيط ٤/ ١٠٠، عين المعانِي ورقة ١٢١/ ب، تفسير القرطبي ١٦/ ١٧٤. (٣) قول الكسائي في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٥٠، والتكرير يعني البدل، وقد قرأ بالنصب يعقوب الحضرمي والأعرج، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣٩، المحتسب ٢/ ٢٦٢، عين المعانِي ورقة ١٢١/ ب، تفسير القرطبي ١٦/ ١٧٥.