عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَقَدْ سَألْتُ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- مَسْألةً وَدِدْتُ أنِّي لَمْ أكُنْ سَألْتُهُ، قُلْتُ: أيْ رَبِّ! إنَّهُ قد كانت أنْبياءُ قَبْلِي، منهم مَنْ سَخَّرْتَ له الرّيحَ، وَذَكَرَ سُلَيْمانَ، ومنهم مَنْ كان يُحْيِي المَوْتَى، وَذَكَر عِيسَى، ومنهم ومنهم"، قال:" فَقالَ: ألَمْ أجِدْكَ يتِيمًا فَآويتُكَ؟ " قال: "قُلْتُ: بَلَى إي رَبِّ، قال: ألَمْ أجِدْكَ ضالًا فَهَدَيْتُكَ؟، "قلتُ: "بَلَى إي رَبِّ، قال: ألَمْ أجِدْكَ عائِلًا فَأغْنَيْتُكَ؟ "، قال:"قلتُ: "بَلَى إي رَبّ"، قال: ألَمْ أشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْتُ عَنْكَ وِزْرَكَ؟ "، قال:"قلتُ: بَلَى إي رَبِّ"(١).
ثم أوْصاهُ باليتامى والفقراء، فقال تعالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (٩)} لا تَقْهَرْ حَقَّهُ، ولا تَظْلِمْهُ، وَلَا تَحْقِرْهُ، وَلَا تَكْفَهِرَّ في وَجْهِهِ، فقد ذُقْتَ اليُتْمَ فاعْطِفْ على اليتيم وارْحَمْهُ، وَكُنْ له كالأبِ الشَّفِيقِ.
وقرأ النَّخْعِي والشَّعْبِيُّ:"فَلَا تَكْهَرْ"(٢) بالكاف، وكذلك هو في قراءة عبد اللَّه بن مسعود، والكَهْرُ في اللغة: القَهْرُ والانْتِهارُ، والكَهْرُ: عُبُوسُ الوَجْهِ والشَّتْمُ (٣)، والعرب تُعاقِبُ بَيْنَ الكاف والقاف (٤)، يَدُلُّ عليه حَدِيثُ مُعاوِيةَ بنِ
(١) رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٥٢٦ كتاب التفسير: سورة "والضُّحَى"، والطبرانِيُّ في المعجم الأوسط ٤/ ٧٥، والمعجم الكبير ١١/ ٣٦٠، والواحدي في الوسيط ٤/ ٥١٠، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٢٥٣ كتاب علامات النبوة: باب عِظَمِ قَدْرِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. (٢) وهي أيضًا، قراءة أشْهَبَ العُقَيْلِيِّ وجعفر بن محمد، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٧٥، شواذ القراءة للكرماني ورقة ٢٦٦، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٠٠، البحر المحيط ٨/ ٤٨٢. (٣) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٤٨/ ب، وينظر: تهذيب اللغة ٦/ ١١، ١٢، اللسان: كهر. (٤) ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٤١، ٢٧٤، غريب الحديث للهروي ١/ ١١٤ - ١١٥، =