عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "ما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وله مَنْزِلَانِ: مَنْزِلٌ في الجنة ومَنْزِلٌ فى النار، فإن مات ودَخَلَ النّارَ وَرِثَ أَهْلُ الجنةِ مَنْزِلَهُ، وذلك قوله -تعالَى-: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} "(١).
وَرُوِيَ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"خَلَقَ اللَّهُ ثلاثةَ أَشْياءَ بيده: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وكَتَبَ التَّوْراةَ بِيَدِه، وغَرَسَ الفِرْدَوْسَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ: وَعِزَّتِي، لَا يَدْخُلُها مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلَا دَيُّوثٌ"، قالوا: يا رسول اللَّه: قد عرفنا مُدْمِنَ الخَمْرِ، فَما الدَّيُّوُثُ؟ قال:"الذي يُقِرُّ السُّوءَ لأهْلِهِ"(٢).
قوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} يعني: آدم {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢)} من الأرض، قيل (٣): إنه سُلَّ من كلِّ تُرْبةٍ، وقيل (٤): أراد بالإنسان: ابن آدم، وهو اسمُ الجنس يقَعُ على الجميع، وقوله:{مِنْ سُلَلَةٍ مِنْ طِينٍ} أراد: من صَفْوةِ ماءِ آدَمَ الذي هو من الطين ومَنِيِّهِ، والعربُ تُسَمِّي نُطْفةَ الرجلِ وَوَلَدَهُ سُلَالةً
(١) رواه ابن ماجه في سننه ٢/ ١٤٥٣ كتاب الزهد: باب صفة أهل الجنة، وينظر: الكشف والبيان ٧/ ٤٠، الوسيط ٣/ ٢٨٥. (٢) رواه البيهقي في الأسماء والصفات ص ٤٠٣، وقال: "هذا مرسل، وفيه -إن ثبت- دلالة على أن الكَتْبَ هاهنا بمعنى الخلق، وإنما أراد: خلق رسوم التوراة، وهي حروفها"، وينظر: جامع البيان ١٨/ ٣، الوسيط ٣/ ٢٨٥. (٣) حكاه الأزهري عن الفراء في "التهذيب": "سلل" ١٢/ ٢٩٢، وينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٢٩٦، معانِي القرآن للنحاس ٤/ ٤٤٦. (٤) حكاه النحاس عن مجاهد في معانِي القرآن ٤/ ٤٤٧، وبه قال الأزهري في "التهذيب" ١٢/ ٢٩٢.