قوله:{لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا}؛ أي: حِسَّها وحركةَ تلهُّبها، والحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ تسمَعُه من الشيء يَمُرُّ منك قريبًا (١)، {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} من النَّعيم والكرامة {خَالِدُونَ (١٠٢) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ} يعني: إطباقَ جهنَّم على أهلها {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} يعني: تستقبلُهم ملائكةُ الرحمة عند خروجهم من قبورهم ويقولون لهم: {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (١٠٣)} في الدنيا.
[فصل]
عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال: سمعت رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:"ثلاثةٌ على كُثْبانٍ من مِسكٍ لا يَحزُنُهم الفَزَعُ الأكبر، ولا يكترثونَ للحساب: رجلٌ قَرأَ القرآنَ محتسِبًا ثم أَمَّ به قومًا محتسِبًا، ورجلٌ أَذَّنَ محتسِبًا، ومملوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- وحقَّ مواليه"(٢).
قولُه تعالى:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} قَرأَ أبو جعفرٍ (٣): {تُطْوَي} بالتاء مضمومةً: على الفعل المَجهول، وقرأ الباقونَ بالنون والنصب، وقَرأَ أهلُ الكوفة إلّا أبا بكر:{لِلْكُتُبِ}: على الجَمْع، وقرأ الباقون:"لِلْكِتابِ"(٤): على الواحد.
(١) حكاه الأزهري عن الليث في التهذيب ٣/ ٤٠٨، وينظر: الوسيط ٣/ ٢٥٣. (٢) حديث ضعيف، رواه العقيلي في الضعفاء الكبير ٢/ ١١٨، وينظر: مجمع البيان ٧/ ١١٦، تفسير القرطبي ١١/ ٣٤٦. (٣) وهي أيضًا قراءة شيبة بن نِصاح والأعرج والزهري، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ٩٥، تفسير القرطبي ١١/ ٣٤٦، البحر المحيط ٦/ ٣١٧، الإتحاف ٢/ ٢٦٨. (٤) قرأ ابن كثير وابن عامر ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر عنه، ويعقوبُ وأبو جعفر: {للكتاب} بالإفراد، ينظر: التيسير ص ١٥٥، تفسير القرطبي ١١/ ٣٤٧، ٣٤٨، البحر المحيط ٦/ ٣١٧، الإتحاف ٢/ ٢٦٨.