والزجاج (١): والعرب تُوَبِّخُ بالألف وبغير ألف، تقول: أذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟ وذَهَبْتَ فَفَعَلْتَ كَذا؟ قرأ ابن كثير وهشام وأبو جعفر ويعقوب:{أَذْهَبْتُمْ} بهمزة بعدها مدة، وقرأ ابن ذكوان:{أَأَذْهَبْتُمْ} بهمزتين من غير مَدٍّ، وقرأ الباقون بهمزة واحدة من غير مَدٍّ على الخبر (٢)، ومعنى القراءات كلها سواء.
[فصل]
رُوِيَ عن عُمَرَ بن الخطاب رضي اللَّه عنه أنه قال: اسْتَأْذَنْتُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدخلتُ عليه فِي مَشْرُبَتِهِ (٣)، وإنه لَمُضْطَجِعٌ على خَصَفةٍ (٤)، وإنّ بَعْضَهُ على التُّرابِ، وتحت رأسه وِسادةٌ مَحْشُوّةٌ لِيفًا، فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ فقلتُ: يا رسول اللَّه: أنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وصَفْوَتُهُ وخِيرَتُهُ من خَلْقِهِ، وَكِسْرَى وقَيْصَرُ على سُرُرِ الذَّهَبِ وفُرُشِ الدِّيباجِ والحَرِيرِ؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا عُمَرُ: إنّ أولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهم طَيِّباتُهُمْ، وهي وَشِيكةُ الانقطاعِ، وإنّا أُخِّرَتْ لنا طَيِّباتُنا"(٥).
(١) معانِي القرآن للفراء ٣/ ٥٤، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٤٤٤، والنص للفراء. (٢) قرأ ابن كثير والدّاجِوانِيُّ عن هشام ورُويْسٌ: {أَاذْهَبْتُمْ} بهمزتين مُحَقَّقةٍ فَمُسَهَّلةٍ مع عدم الفصل، وقرأ ابن كثير أيضًا وأبو جعفر والأعرج وابن وثاب ومجاهد وقتادة: {أَذْهَبْتُمْ} بألف مُطَوَّلةٍ، وقرأ ابن عامر: {أَأَذْهَبْتُمْ} بهمزتين حَقَّقَهُما ابنُ ذَكْوانَ، ولَيَّنَ الثانيةَ منهما هشامٌ، وابنُ كثير في روايةٍ عنه، وهي أيضًا، قراءة الحسن وأبِي العالية ويعقوب ونصر بن عاصم، وقرأ الباقون بهمزة واحدة على الخبر. ينظر: السبعة ص ٥٩٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٢٠ - ٣٢١، تفسير القرطبي ١٦/ ١٩٩، البحر المحيط ٨/ ٦٢، النشر ١/ ٣٦٦، الإتحاف ٢/ ٤٧٢. (٣) المَشْرَبةُ والمَشْرُبةُ، بفتح الراء وضمها: الغُرْفةُ، والجمع مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ. كتاب سيبويه ٤/ ٩١، تهذيب اللغة ١١/ ٣٥٤، الصحاح ١/ ١٥٢، اللسان: شرب. (٤) الخَصَفةُ: القطعة من الجِلْدِ. اللسان: خصف. (٥) رواه الحاكم في المستدرك ٤/ ١٠٤ كتاب الأطعمة: باب ذِكْرِ معيشة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وينظر: الوسيط ٤/ ١١٠، ١١، زاد المسير ٧/ ٣٨٢، عين المعانِي ورقة ١٢٢/ أ، كنز العمال ٣/ ٢٤٥.