قال عُمَرُ بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: "مَنْ شاءَ أن ينظر يَوْمَ القيامة فَلْيَقْرَأْ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}(١)، وقال المغيرة بن شعبة: "إنكم لتقولون: يَوْمُ القيامة، وإنما قِيامةُ أحَدِكُمْ مَوْتُهُ" (٢)، فنظمه أحدهم فقال:
قوله:{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ} يعني الكافر، وهو عَدِيُّ بن رَبِيعةَ، وقيل: هو أبو جهل بن هشام، أنكر البعث وقال: أوَيَجْمَعُ اللَّهُ العِظامَ البالِيةَ يَوْمَ القيامة يا محمد؟ فقال: "نَعَمْ"، فاستهزأ به، فأنزل اللَّه تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (٣) بَلَى قَادِرِينَ (٤)}؛ أي: نَقْدِرُ على ذلك وعلى ما هو أعْظَمُ منه، وهو أن نُسَوِّيَ بَنانَهُ فنَرُدَّها كما كانت، وَمَنْ قَدَرَ على جَمْعِ صِغارِ العِظامِ كان على جَمْعِ كِبارِها أقْدَرَ (٤).
وقيل: معناه: نجعل أصابع يديه ورجليه شيئًا واحدًا كَخُفِّ البَعِيرِ أو كَحافِرِ الحِمارِ أو كَظَلْفِ الخِنْزِيرِ، أراد: نَجْعَلُ بَنانَهُ مع كَفِّهِ صَحْفةً مُسْتَوِيةً لا
(١) ينظر: جامع البيان ٢٩/ ٢٢٢، شفاء الصدور ورقة ١٨٣/ أ، الدر المنثور ٦/ ٢٨٧. (٢) ينظر: جامع البيان ٢٩/ ٢١٧، شفاء الصدور ورقة ١٨٣/ أ، عين المعانِي ورقة ١٣٩/ ب. (٣) البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، وقد أورده القرطبي في التذكرة بيتين بعده، وهما: وَعَجَّلَ أهْلِي حَفْرَ قَبْرِي وَصَيَّرُوا... خُرُوجِي وَتَعْجِيلِي إلَيْهِ كَرامَتِي كَأنَّهُمُ لَمْ يَعْرِفُوا قَطُّ سِيرَتِي... غَداةَ أَتَى يَوْمِي عَلَيَّ وَساعَتِي التخريج: عين المعانِي ورقة ١٣٩/ ب، التذكرة للقرطبي ص ٢٤٧. (٤) قاله ابن قتيبة والزجاج، ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ٣٤٦، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٥١، وينظر: الوسيط ٤/ ٣٩١، زاد المسير ٨/ ٤١٨، تفسير القرطبي ١٩/ ٩٤.