في بَياضِ المَرْجانِ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} ابتداء وخبر؛ أي: هل جزاء من قال: لا إله إلا اللَّه، وعَمِلَ بما جاء به محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إلّا الجنةُ؟
و"هَلْ" فِي كلام العرب على أربعة أوجه (١)، الأول: بمَعْنَى "قَدْ"، كقوله تعالى:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}(٢)، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}(٣) والثانِي: بمعنى الاستفهام، كقوله تعالى:{فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا}(٤)، والثالث: بمعنى الأمر كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}(٥)؛ أي: فانْتَهُوا، والرابع: بمعنى "ما" الجحدِ، كقوله تعالى:{فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}(٦)، و {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}(٧)، والمعنى: ما جزاء مَنْ أحْسَنَ فِي الدنيا إلّا أن يُحْسَنَ إليه فِي الآخرة (٨).
[فصل]
عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قرأ علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلَّا الإحْسانُ"، ثم قال:"هل تدرون ماذا قال ربكم"؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلمُ، قال:"يقول: هَلْ جَزاءُ مَنْ أنْعَمْتُ عليه بالتوحيد إلا الجنةُ"؟ (٩).
(١) هذه الأوجه حكاها الأزهري عن الكسائي في التهذيب ٥/ ٣٦٤، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٩١، ١٩٢، عين المعانِي ورقة ١٣٠/ أ، تفسير القرطبي ١٧/ ١٨٢. (٢) الإنسان ١. (٣) الغاشية ١. (٤) الأعراف ٤٤. (٥) المائدة ٩١. (٦) النحل ٣٥. (٧) الرحمن ٦٠. (٨) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٣١٥، وحكاه القرطبي عن ابن زيد في تفسيره ١٧/ ١٨٢. (٩) هذا الحديث رُوِيَ عن عَلِيِّ بن أبِي طالب وجابرِ بن عبد اللَّه أيضًا، ينظر: جامع البيان =