قوله عَزَّ وَجَلَّ: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢)} قال الكلبي (١): عَلَّمَ القُرْآنَ مُحَمَّدًا عليه السّلام، وعَلَّمَهُ مُحَمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمَّتَهُ، قيل: نزلت حين قال كفار مكة: "وَما الرَّحْمَنُ"(٢)، قال: الرَّحْمَنُ الذِي عَلَّمَ القُرْآنَ، وقيل: هو جواب لَهُمْ حين قالوا: "إنّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ"(٣)، و"الرَّحْمَنُ" رفع بالابتداء، وخبره قوله:"عَلَّمَ الْقُرْآنَ".
قوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣)} يعني آدم عليه السّلام {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (٤)} أسماءَ كُلِّ شيءٍ، وقيل: عَلَّمَهُ اللغاتِ كُلَّها، فكان يتكلم بسبعمائة ألف لُغةٍ، أفْضَلُها العَرَبِيّةُ، وقيل: أراد بالإنسان جميع الناس؛ لأن الإنسان اسمُ جِنْسٍ، {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} بَيانَ الحلال والحرام، وبينَ له طَرِيقَ الخَيْرِ والشر وما يأتِي وما يَذَرُ، لِيَحْتَجَّ بذلك عليه، وعَلَّمَهُ النُّطْقَ والتَّمْيِيزَ والكتابة والخَطَّ والفَهْمَ والإفْهامَ، حَتَّى عَرَفَ ما يقول وما يُقالُ له.
قوله: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥)}؛ أي: يَجْرِيانِ بِحِسابٍ ومَنازِلَ لا يَعْدُوانِها، وهما يَدُلَّانِ على عدد الشهور والسنين والأوقات، والحُسْبانُ يكون مصدرا، يقال: حَسَبَ حُسْبانًا، مثل الغُفْرانِ والكُفْرانِ والرُّجْحانِ والقُرْبانِ (٤)،
(١) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٢١٧، زاد المسير ٨/ ١٠٦. (٢) الفرقان ٦٠. (٣) النحل ١٠٣. (٤) هذا قول الفراء والأخفش وثعلب والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١١٢، معانِي =