قوله عَزَّ وَجَلَّ:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ}؛ أي: الغلبة والقوة {عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)}؛ أي: عما يقولون من الكذب والبهتان أن البنات للَّه -جل وعز عن مقالة الجاحدين-.
وقوله:{رَبِّ الْعِزَّةِ} يعني العظَمة والكبرياء والقدرة والغلبة والقوة، وكل هذا غير مخلوقٍ، وإنما قال ذلك لأنه منسوب إليه، إذْ كان كلامه منه وَعِزَّتُهُ له، ومن قال: إنه مخلوقٌ فقد كفر، لأن أسماءه نُعُوتُهُ وصِفاتُهُ تعالى، وهو مخفوضٌ على البدل، قال الزجّاج (١): ويجوز النصب على المدح، والرفع بمعنى: هو رَبُّ العِزّةِ.
قوله: {وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١)} لأنهم بَلَّغُوا عن اللَّه تعالى ما أُرْسِلُوا به من التوحيد والشرائع، والسلامُ والأمانُ نعمةٌ من اللَّه تعالى، ولو كان فِي غير القرآن لجاز النصب على المصدر (٢).
قوله: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٢)} يعنِي: سيد الخلق أجمعين.
فصْلٌ
عن عَلِيِّ بن أبِي طالبِ رضي اللَّه عنه قال: من أحَبَّ أن يَكْتالَ بالمكيال الأوْفَى من الأجر يوم القيَامة فليكن آخر كلامه فِي مجلسه: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٨٢)} (٣).
(١) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣١٧. (٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٤٤٨. (٣) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٧٤، الوسيط ٣/ ٥٣٦، عين المعانيِ ورقة ١١٢/ ب، تفسير القرطبي ١٥/ ١٤١، تفسير ابن كثير ٤/ ٢٨، الدر المنثور ٥/ ٢٩٥، كنز العمال ٢/ ٣٠٨، ٦٤٠.