مقامٌ معلومٌ (١) {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥)} قال قتادة: هم الملائكة صَفُّوا أقدامَهُمْ، وقال الكلبي: صفوف الملائكة فِي السماء كصفوف أهل الدنيا فِي الأرض {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)}؛ أي: المُصَلُّونَ المُنَزِّهُونَ اللَّهَ تعالى عن السوء.
قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧)} يعني أهل مكة، أي: وقد كانوا ليقولون، واللام لام توكيدٍ، لَمّا خففت "إنّ" دخلت على الفعل ولزمتها اللام فرقًا بين النفي وا لإيجاب، والكوفيون يقولون:"إنْ" بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إلَّا"؛ أي: وما كانوا إلا يقولون (٢) {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨)} يعني: كتابًا مثل كتبهم.
{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩)} يعني: فِي التوحيد، نظيره قوله تعالى:{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ}(٣){فَكَفَرُوا بِهِ} يعني: بالقرآن، وقيل: بِمُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه مبعوث، وفيه أختصار، تقديره: فلما أتاهم ذلك الكتاب كفروا به {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠)} وعيدٌ لَهُمْ وَتَهْدِيدٌ، فَقُتِلُوا يوم بدرٍ.
(١) هذا قول الزجاج، قاله في معياني القرآن وإعرابه ٤/ ٣١٦، وهو مدهب البصريين، فهم يُخَرِّجُونَ هذه الآية وما أشبهها على حذف المواصوف، وأما الكوفيون فإنهم يجعلونه من باب حذف الموصول وبقاء صلته، ينظر: الكتاب ٣/ ١١٥، ٣٤٥ - ٣٤٦، معانِي القرآن للفراء ٢/ ٢٦٤، المقتضب ٢/ ١٣٥؛ ١٣٧، إعراب القرآن ٣/ ٤٤٦، المسائل المشكلة للفارسي ص ٢٤٥ - ٢٤٦، مشكل إعرإب القرآن ٢/ ٢٤٤ الفريد للهمداني ٤/ ١٤٦، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٣٢٢؛ ٣٢٤، شرح الكافية للرضي ٢/ ٣٤٦، ٣/ ١٥٤، ارتشاف الضرب ص ١٩٣٨: ١٩٤١. (٢) ينظر: إعراب القرآن ٣/ ٤٤٦ - ٤٤٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٤٤ - ٢٤٥، وقد سبق مثل ذلك في الآية ٣٢ من سورة يس، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}، وإن كان قد اختار هناك رَأْيَ الكوفيين. (٣) الأنعام ١٥٧.